د.يوسف رزقة*
بينما يتناقش الصحابة رضوان الله عليهم في قضية : أي خلق الله أشد؟ فقال أحدهم الجبال، وقال أخر النار، وقال ثالث الحديد، خرج عليهم سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقال إجابة على السؤال: عشرة. الجبال، والحديد ينحت الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح يبدد السحاب، والإنسان يتقي الريح ويذهب فيها لحاجته، والسكر يغلب الإنسان، والنوم يغلب السكر، والهم يمنع النوم. فأشد خلق الله الهمّ.
أوردت هذا القول المأثور لأقدمه كرسالة مقاومة للمحتل، حيث إن وزير الأمن الصهيوني بيني غانتس يطمئن الصهاينة المغتصبين بأن جدار ما فوق الأرض وتحت الأرض على حدود غزة لمنع الأنفاق وتسلل المقاومين يوشك أن ينتهى، وهو بمسافة (٦٤) كيلو متر، ويعد من المشاريع ذات الكلفة العالية. الجدار بفهومي الإيماني هو عمل يهودي حديث يصدّق ما جاء في القرآن الكريم:” لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد”.
الجدر وإن علت، وإن سفلت في الأرض لن تمنع المقاومة، وإذا تأملت حديث علي ابن أبي طالب آنف الذكر تجد أن الإنسان جاء جاء في المرتبة السابعة، فهو أشد من الجبال والحديد والنار ومن الماء والسحاب والريح، وهو مزود بقدرة إلهية يتغلب بها على هذه الظواهر الكونية، وعليه أقول ماذا يكون جدار الفصل على حدود غزة بين هذه المخلوقات الكونية؟! إنه لا شيء بالنسبة للجبال والنار والماء والريح، إنه ضعيف من صناعة ضعيف خائف؟!.
الإنسان الفلسطيني المقاوم لا يسكر ولا ينام ، بل هو صاحب همّ يسكن قلبه وحياته اليومية، وبما أنه لا يسكر ولا ينام، ويحمل همه بداخله فلن تعوزه الحيلة لمواصلة المقاومة لطرد المحتل، وتدفيعه ثمن احتلاله والتغلب على الجدار
. من لا ينام عن حقه، يجترح المعجزات من أجل الوصول إليه، وأحسب أن المقاومة الفلسطينية في غزة وفي خارجها ستجعل الجدار الذي أقامه الاحتلال بلا فائدة له، بل ربما يكون وبالا على من أقامه.، في غزة، بل في فلسطين إنسان هو أقوى من الجبال ومن الحديد ومن الجدران، ولو المنافقين والمخذلين لما تأخر النصر على الاحتلال. والحلّ الوحيد يكمن في رحيل الاحتلال٠
*باحث فلسطيني
موقع حرمون