#سامر_كركي*
يبقى لبنان رغم كل الإشكالات الوجودية والصراع حول مآلات التأسيس عرضة للتجاذب
ضمن محاور إقليمية أو دولية بداية منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي إبان محوري
بغداد ووارسو والمد الناصري العروبي القومي والذي ُصبغ فيه عّدة رؤساء باإلضافة
إلى محاولات الانقلاب والتي ُصورت كأنها شّد عضد لمحور على آخر بالرغم من
الإختلافات التي تقاطعت مرحليا بين أرباب هذه الإنقلابات إن كان في لبنان أو سوريا
.وهذه المحاور
الولايات المتحدة والمملكة واللذان يتقاطعان على أكثر من جبهة ويختلفان في التوجهات
م دونالد ترامب الرئاسة وصياغة مفهوم
والمقاربة على أكثر من منحى وخاصة منذ تسلّ
الترامبية والوقاحة الفجة بأسلوب شكله فظ ولكن مضمونه يقارب الواقع والحقيقة معا،
يرزح لبنان مترنحا ما بين سندان الولايات المتحدة التي لا تريد انهيار البلد نهائيا رغم كل
الحصار الإقتصادي الذي ضّيق الخناق ومنع َالنفس حتى لو كان اصطناعيا لولا
المعالجات التي بدرت وضغطت باتجاه فتح طريقي الأردن ومصر إلى لبنان مرورا
بسورية،والسعودية التي تضغط كحصان هائج ال ه ّم له سوى ردم الهوة الآخذة في
التصاعد منذ ردح من الزمن مع إيران ، وذلك باللعب على وتر أحصنة خاسرة تتراقص
على حبال طائفية يمكن تشتيت المقاومة فيها أو إرباكها على أكثر من شبكة مصاحبة ذلك
بضخ إعالمي غير مسبوق حتى بعد أحداث السابع من أيار)مايو( 2008 وفي ظل
.الإنقسام العامودي بين الثامن والرابع عشر من آذار ما بين 2005و 2008
يخطىء من يظن أن الولايات المتحدة تأمر والسعودية تنفذ ، فالسعودية أضحت منذ عقود
تملك هامشا للمناورة في أكثر من ملف بدءا من حرب أفغانستان )1980)مرورا بالحادي
عشر من أيلول )2001 )وحرب العراق )2003 ،)فما يهم الولايات المتحدة هو الكيان
ه ّم ألبناء العم سام إلى المحافظة الصهيوني وما دام قطار ما يسمى ” التطبيع” قائما ال
على استقرار اإلنهيار وعدم هدم الهيكل نهائيا . بينما تسعى المملكة القابعة تحت فوهة
تململ عائلي محقون وخسارة استراتيجية في مأرب وبطء المفاوضات مع إيران إن لم
نقل رها
تعث لرفض الإيرانيين توحيد الملفات ، وإهمال الأميركيين انطالاقا من الرئيس ّ
بايدن لولي العهد بكل ما تملك مملكته من أساطيل إعالمية وتجييش إلكتروني إلى رسم
خارطة جديدة تبدأ من ذريعة تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي ولا تنتهي عند
الإنتخابات النيابية والتي تسعى من خلالها إلى ولادة مجلس نيابي جديد تملك فيه الأكثرية
طريق من يدور في فلكها ) 14 من آذار( أو من يؤيدها كفكر ويحمل الخط المقاوم
مسؤولية إنهيار البلد ) أغلب المجتمع المدني( ، وبالفعل العّدة وضعت الخطوط العريضة
حيث لا في الأفق منذ فترة هذا المسار والذي بدأ تصاعديا منذ احتجاز الرئيس السابق
.سعد الحريري في الريتز في مثل هذه الأيام عام 2017
:إن المشهد المتأرجح في لبنان يخضع لإعتبارات عديدة
أولا: إن الولايات المتحدة ترى أولوية الصراع مع الصين في أكثر من مكان من بحر
الصين إلى تايوان ضمنا مرورا بآسيا الوسطى وأستراليا قبل أي تفجير لصراع تعرف
.كيف يبدأ ولا تدري كيف ينتهي في الشرق الأوسط
ثانيا:يحاول ولي العهد السعودي إرسال رسالة إلى الأميركيين ومن خلفهم الكيان
الصهيوني بأنه يملك أوراق قوة تجعله الأبرز على الساحة اللبنانية بين القوى الإقليمية
متجاوزا مصر وتركيا في مواجهة “البعبع المقاومي”!وخاصة بعد فشله في مقايضة لبنان
.(باليمن )خذوا لبنان ومرروا خروجا مشرفا للسعودية من حرب اليمن
ثالثا: يدرك الأميركيون وهم يتلاعبون بحليفهم اللدود حاليا أن لبنان لا يخضع فقط لأهواء
السعودية رغم حجم الآلة سياسيا وإعالميا وماليا والكترونيا ، بل إن في لبنان لاعبون كثر
اتفقوا في الإستراتيجية مع السعودية ويخافونها آنيا ومرحليا نظرا لمصالحهم شرقي
.المتوسط في المرفأ والغاز وغيرهما كفرنسا مثال
رابعا : لن يقدم الفرنسيون لبنان على طبق من ذهب للسعوديين وهم أدركوا أنهم بعد
انفجارالمرفأ أضحوا مرجعا ولاعبا أساسيا بعد فقدان هذا الدور منذ وفاة الرئيس الأسبق
.جاك شيراك
خامسا: تملك المقاومة وحلفاؤها أوراقا مناسبة ستظهر تباعا وهم كانوا ينظرون بعين
الريبة طيلة هذه الفترة للدور السعودي المبتعد وغير المحّبذ إن استعملنا عبارات من ّمقة بل
.والراغب بعدم التعاون والتضييق وقد ظهر ذلك جليا في السنوات الخمس األخيرة
سادسا: تأخذ الواليات المتحدة والأوروبيون بعين الاعتبار أن اي تدهور أمني-عسكري
في لبنان سيأخذ معه وجود القوات الدولية في مهب الريح وهي التي تحافظ على وجودها
.جنوبيا بالتنسيق المباشر وغير المباشر مع أبناء الأرض أصحاب القرار أولا وأخيرا
سابعا: رغم كل محاولات استخدام تصريح الوزير قرداحي كشماعة لنسف ما تبّ
تواصل سعودي-لبناني على أدنى مستوى فالوقائع على الارض تصريحا وتلميحا تظهر
أن هذا مجرد تفصيل في مشهد يبدأ من ” التطبيع” مرورا بدور صهيوني أكبر
.بحريا ونفطيا وصولا إلى إخضاع متناه
ثامنا: في كل ما حصل وسيحصل على الكيان الصهيوني الذي يسرح ويمرح من ّ
أقصى غرب إفريقيا إلى الخليج في محاولة لتعزيز حضوره إفريقيا برا وبحرا ،
فالصهاينة يلعبون إحدى أهم أوراقهم في إطار حرب ناعمة تظهر إرهاصاتها واضحة
.يمنة ويسارا
يو ّز على أصحاب البطون المتخمة والمشاريع اللاهبة لم يبقى لهذا البلد إلا ذ ّرة كرامة
، فرغم المعاناة والألم والأسى والعوز ، وسوء التخطيط طبعا وغياب الرؤى
والمنهجيات، وضياع الحلم أكثر من مرة في صناعة وطن يعزز المواطنة ، تبقى هذه
.الذرة عند البعض ّ …… فقط فما الحياة إلا وقفة عز
*إعلامي وكاتب لبناني