#د.يوسف_رزقة*
الأنظمة العربية تعطي دولة الاحتلال مكانة فوق ما تستحق، أو قل فوق الواقع كما يراه الإسرائيلي نفسه؟!. إذا كان النظام العربي يهرول نحو التطبيع مع دولة الاحتلال إقرارا منه بمكانة دولتهم، وقوتها، وتفوقها، واستحالة هزيمتها وتحرير الأرض العربية من احتلالها، هذا من ناحية، أو إقرارا منه بأنها هي الممر الإجباري لمن يريد أن يدخل البيت الأبيض، فإن الإسرائيلي لا يرى هذا في دولته، بل يراها دولة ضعيفة، وذاهبة نحو الضياع، لا سيما إذا واجهت حربا من جبهات متعددة.
الإسرائيلي نفسه يرى أن جبهة بلاده الداخلية مفككة، وضعيفة، وأن الحرب القادمة ستكون حرب في داخل البلاد، وستواجه البلاد آلاف الصواريخ، ومئات الطائرات المسيرة، وستفقد الجبهة الداخلية تماسكها أمام ضربات غير متوقعة، وسينهار في البلاد كل شيء جيد، كما يقول اللواء احتياط (إسحاق بريك)، ويجدر هنا نقل بعض مما نقلته عنه وسائل الإعلام العبرية. يقول:” إن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لحرب متعددة الساحات. وإن (إسرائيل) في طريقها للضياع. الحرب القادمة ستكون حرب جبهة داخلية. إنها تجربة لم نختبرها. الحرب ستعيدنا عشرات السنين إلى الوراء. الحرب القادمة ستوقع آلاف الخسائر وتدمر البنى التحتية. لا يمكن بناء جيش منتصر على العناصر المتداعية والمتفككة للجيش. الجبهة الداخلية هشة. نحتاج لفهم أمني وسياسي”.
كانت هذه بعض مقتطفات مما قاله اللواء المذكور آنفا ونقلته وسائل إعلام عبرية، ونحن نقول تعقيبا، ما يقوله صحيح، حتى وإن جاء قوله من باب تحذير حكومته لتزيد من استعداداتها، وحذرها من الحروب القادمة. حتى وإن قال ما قاله من هذا الباب، إلا أن قوله صحيح، فهي دولة (عش العنكبوت)، وإن قدمتها الإحصاءات الرقمية كأكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط، فهذه الأرقام لا تأخذ بالحسبان طبيعة وتركيبة المجاهد الفلسطيني والعربي الذي يملك إرادة القتال، ويستهدف بجهاده التحرير وتقرير المصير، ولا تأخذ بالحسبان هشاشة الجبهة الداخلية وهي الهشاشة التي كشفتها وعرتها معركة ( سيف القدس).
دولة الاحتلال ستبقى ضعيفة وإن تفوقت عسكريا على الأنظمة المحيطة، وإن ازدهر اقتصادها، وارتفع سعر الشيكل فيها، ذلك أن كل هذا سيضطرب مع أول يوم قتال يصيب الجبهة الداخلية، إذا تعددت جبهات القتال في الوقت الواحد.
كانت نظرية العدو في زمن ابن غوريون ومن تلاه حتى عصر المسيرات، هو نقل الحرب إلى أرض العدو، كما حدث في عام ١٩٦٧م، ولكن بات هذا النقل مستحيلا الآن، لأن الصاروخ والمسيرة هو أداة الحرب القادمة ماديا، ويكون المجاهد هو أداتها الفاعلة المكملة للأداة الأولى، أو قل المجاهد هو الأصل، والمادة مكملة له.
*مفكر فلسطيني
موقع حرمون