حلقت أسعار المدافئ عالياً وتجاوزت المليون ليرة لمدافئ الصالون فيما سجلت في أدنى أسعارها المئة وخمسين ألف لتحلق بمواد التدفئة لتثقل كاهل المواطن المتخوف من موسم شتاء يمتد وسطياً 100 يوم والذي يبدو أنه لن يكون مريحاً بحسب ما بشر به وزير الكهرباء السوريين.
ناقشت إذاعة زنوبيا المحلية والتي تبث من مدينة حمص الخيارات المطروحة أمام السوريين لتمرير موسم الشتاء بأقل التكاليف حيث وصل سعر ليتر المازوت إلى 3500 ليرة فيما سجل طن الحطب ارتفاعاً خلال الأشهر الماضية من 300 إلى 500- 700 ألف ليرة سورية فيما طن الوقود الحيوي 750ألف ليرة سورية وعلى فرض اكتفاء العائلة ب 200 ليتر مازوت ( 50 دعم و 150 من السوق السوداء ) فإن تكلفة الشتاء 550 ألف وبذلك تكون تكلفة تدفئة 100 يوم تتراوح ما بين 500-750 ألف ليرة.
ويرى الباحث عامر الياس في حديثه لبرنامج بالأرقام والذي يعده ويقدمه الإعلامي سعد الله الخليل أن ضيق الخيارات أمام المواطن السوري في ما يتعلق بتأمين مواد التدفئة يعود بجذوره لتدمير البنى التحتية وموارد الطاقة وموارد الانتاج بصورة ممنهجة ،ووجود احتلالين أميركي وتركي في شمال البلاد ،وهو أنتج معاناة حقيقية في سورية دفع الحكومة لترشيد الدعم.
واعتبر الخطوات المتخذة أنها قائمة على الفعل ورد الفعل حتى اللحظة وغير مفهومة وأضاف بالقول ” هناك تمويل للعجز عبر رفع أسعار المواد ما يساهم بغياب المنعكسات الإيجابية للدعم على المواطنين بل تبدو المنعكسات سلبية فرفع أسعار السلع الحيوية يقود لمزيد من الانكماش”. واعتبر الياس أن رفع أسعار حوامل الطاقة رغم أنها قاسية على المواطنين لا يساهم بشكل كبير بتخفيف العجز بالحجم المطلوب وطالب الحكومة تمويل العجز بطرق أخرى منها تحريك الإنتاج التركيز على الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية وأضاف “حل المشاكل لا يعالج برفع أسعار حوامل الطاقة فعلى سبيل المثال تقول الحكومة أن اسطوانة الغاز تكلف 30 الف ورفع السعر ل 10 ألاف يبقي العجز موجوداً ولم يوفر المادة لأنها بالأساس غير متوفرة وهو ما أعلنة وزير التجارة الداخلية فجوهر المشكلة لا يكمن بالسعر أو تبعات السعر بل بانعدام وفرة المادة وما ساقته الوزارة من مبررات يندرج في سياق الثغرات التي يمكن معالجتها ولكنها ليست جوهر القضية ولا السبب الرئيسي لغياب المادة من الأسواق”.
وبحسب الياس فإن رفع الأسعار في ظل الانكماش وتراجع القدرة الشرائية والانتاج وغياب الخطة الاقتصادية سيؤدي لمزيد من الانكماش وبالتالي تمويل العجز برفع الأسعار لا يحل المشكلة وأضاف “على فرض اعتبار زيادة الرواتب حتمية ثمة سؤال ما المدة الزمنية بين زيادة الرواتب وزيادة جديدة بأسعار حوامل الطاقة فالمشكلة الحقيقية التي تواجه الحكومة هي الدخل المنخفض وهي مشكلة تواجه حتى مصنعي الطاقة البديلة فأي مواطن قادر على دفع مليون ليرة بين مدفأة ووقود حيوي أو حطب وهناك أزمة تستزف الجميع والعقدة هي الدخل المنخفض التي تعقد الوضع ”
وبالعودة إلى لغة الأرقام فإن موسم الشتاء والذي يكلف 500-750 الف أي بمعدل شهرياً 42 ألف ليرة على مدار العام وهو ما يعادل نصف راتب وهو ما يفوق قدرة المواطن وأضاف الياس ” ما يزيد الطين بلة فقدان الثقة جراء التناقض بالتصريحات الحكومية بين الوزراء واللجنة الاقتصادية فالمطلوب إعادة الثقة ما بين الحكومة والشارع فأي قرار يهز الشارع وللأسف القرارات لا تحل المشكلة فلب القضية غياب المادة”.
واعتبر الياس أن زيادة أسعار حوامل الطاقة وإنهاء اسطوانة وقف التهريب يتوقف على زيادة الانتاج فقوة العملة تقاس بحجم السلع وهو ما لم يحدث في سورية بل انخفض حجم الانتاج والسلع منذ عشر سنوات حتى الأن 90% ما أدى لتضخم يدور في حلقة مفرغة وعجز يمول برفع أسعار حوامل الطاقة لا أكثر ولا أقل.
وعقب الياس على شعار عقلنة الدعم بالقول ” الشعار كبير وثمة اعتراف واضح بأن الدعم يستنزف الدولة وهناك فئات لا تستحق الدعم وهذا شيء مثبت ولكن من قاعدة بيانات واضحة وأسس لوقف الاستنزاف الذي تعاني منه الطبقات المحرومة وشريحة الموظفين خصوصاً جراء دعم من لا يستحق ” .
وتابع الياس ” الحديث عن سحب الدعم عن نصف مليون بطاقة بحاجة للتدقيق في الفئات التي سيسحب الدعم منها ولا يجوز التعميم فيها بل الاعتماد على توسيع قاعدة البيانات لمستويات الدخل فتقسيم المواطنين لشرائح عمل غير دستوري ولكن في حال عقلنة وترشيد الدعم فنحن بحاجة لقاعدة بيانات واضحة وتعريف دقيق للطبقات المحرومة التي ممكن أن يشملها الدعم ومقياس الحرمان والدخل المفترض لاستحقاق الدعم”.
وانتقد الياس التصريحات الرسمية التي ترافق كل قرار لرفع الأسعار بأن الرفع لا يمس المواطن وقال ” لا أعلم كيف ترى الحكومة بأن رفع السعر لا يضر المستهلك ،فهو من سيدفع بالنهاية ويبقى السؤال الأكبر عن الدور الرقابي بضبط الانفلات الحاصل في الأسواق بما يتجاوز أثر ارتفاع الأسعار بحد ذاته”.
حلق سعر طون الحطب من 200 الف بشهر أب بالتزامن مع الإعلان الحكومي عن توزيع خمسين ليتر مازوت فقط إلى 500 إلى 600 الف في الوقت الحالي وعن دور القرار بإشعال أسواق حوامل الطاقة يؤكد عامر إلياس بأن تأثير القرار بأكثر من منحى أولها رسائل الثقة ما بين المواطن والحكومة إضافة لتشجيع الاحتكار بكل الاتجاهات فحتى البدائل تذهب باتجاهات غير واضحة الاتجاهات عن الكلف الحقيقية والدور التنافسي فيها وربطها بحركة الانتاج إضافة للكلف الإضافية من أسعار المدافئ التي تبدأ من 200 الف بالحد الأدنى يضاف لأسعار الوقود الحيوي أو الحطب الذي قارب المليون أين دور القانون رقم 7 للمنافسة ومنع الاحتكار وهل من جهات تراقب احتكار المواد.
وطالب الياس الحكومة بطرح خطة عمل واضحة متوسطة المدى وتوفير المواد التي يتم رفع الدعم عنها بنسب محسوسة بالحد الأدنى نظراً للظروف التي يدركها الجميع وأن يشعر المواطن بتغير نحو الأفضل ليدعم خطوات الحكومة نحو عقلنة الدعم.