
في حديث إذاعي للواء الدكتور محمد عباس، لمناسبة حرب تشرين التحريرية المجيدة، وجواباً على سؤال، قال:
في ما مضى قال هنري كيسنجر إن حرب تشرين ستكون آخر الحروب العربية، ولقد سعوا من أجل ذلك، سعوا من أجل إفراغ نتائج حرب تشرين من محتواها السياسي والاقتصادي، إفراغها من محتواها العربي والعالمي، إفراغها من محتواها القومي والإنساني، وسعوا إلى تشويه مشهد الانتصار في عقول أبنائنا عبر السوشيال ميديا وبحثوا عن تعريب الصراع وأسلمته، وأرادوا تعميم مساحات الإحباط والهزيمة، في عقل المواطن العربي وعقول أبنائنا.
وأتحدث هنا عن جيل الشباب بشكل خاص، لقد أرادوا اختراقه وإيهامه بأنه لم يكن هناك انتصار، والتحدّث عن النيو ليبرالية الاقتصادية التي طالما كثر الترويج لها، هذه النيوليبرالية الجائرة التي تسحق الاقتصاد، اقتصاد الدول والأفراد وتلغي الطبقة الوسطى من المجتمع.
لقد تحدث كثيرون عن النيوليبرالية الاقتصادية، ولكن للأسف قليل من يتحدّث عن النيوليبرالية الثقافية التي تمكنت من التغلغل إلى داخل الوعي والثقافة واستطاعت أن تخترق أعماق جدار الوعي وجدار المقاومة الإنسانية للكريات البيض الوطنية. وهذا ما نلمسه في الشارع العربي. ومثال على ذلك السلوك والمظهر الذي يتبعه بعض شبابنا وشاباتنا اليوم كالتسريحات الشبابية وقص الشعر بشكل غريب وأيضاً الجينز الممزق الذي تظهر به بعض فتياتنا على الرغم من أنهن من عائلات تستطيع ارتداء ملابس أنيقة ولائقة ولكنهن يفضلن تلك الموضة أي الثياب الممزقة الرثة ليثبتن أنهن فتيات عصريات.
هل تكون العصرنة بهذه الثياب الرثة أو تلك الوشوم الغريبة التي انتشرت مؤخراً بين بناتنا وأبنائنا، نحن نرى أن العصرنة تكون بالعلم والابتكار، نراها في علم النانو تكنولوجي الذي بدأ يميز الشعوب المتطورة والعصرية عن سواها والذي يقابله في بعض مجتمعاتنا “علم” التاتو والثياب الممزقة.
وأضيف إلى ما سبق انه اذا كان الهدف من بث هذه السموم هو كيّ الوعي وتفريغ الذاكرة من هويتها الوطنية ومنع هذه الهوية من أن تكون متجسّدة في سلوك الفرد والعمل على ان تكون هذه الهوية خارج الحدود، بماذا يستطيع هذا الفرد أن يكون عنصراً فاعلاً وذا فائدة لمجتمعه ووطنه؟
تجب علينا مواجهة هذه الأفكار والبدع الغريبة على مجتمعاتنا وثقافتنا الأصيلة، مواجهة ثقافيّة وتحد وطني، فكما انتصرنا على الارهاب بإرادة البندقية الوطنية السورية والدبابة الوطنية السورية، سننتصر بالأم السورية، تلك الأم الطاهرة التي أنجبت أبناءها وأحسنت تربيتهم على القيم والمبادئ والثوابت الوطنية.
تلك الأم التي قالت لابنها إنك غالٍ لكن سورية أغلى فاذهب للدفاع عنها.
لقد أدخلت هذه الحرب الكثير من المشوهات إلى الجسد السوري، مشوّهات ثقافية واخلاقية واجتماعية وانسانية بهدف إضعافه والنيل منه، لكن هذا الجسد استطاع بكل مقوماته الصمود والتصدي لهذه المشوهات.
واستطاعت الكريات البيضاء الوطنية السورية الحد من انتشار هذه المشوهات وبالتالي القضاء عليها، وصنع لقاح وطني نشهد نتائجه اليوم في درعا وفي إدلب وعلى امتداد الجغرافيا السورية، إنه لقاح الصمود والممانعة السورية والذي يحمله كل فرد في جيشنا العربي السوري الباسل، هذا اللقاح هو من إرث تشرين ومن ألق تشرين وهويته، من مضاء السيف في تشرين.
إن وزاراتنا اليوم وأخص بالذكر وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الإعلام ووزارة الثقافة والأوقاف والإدارة المحلية مطالبة بالتكامل وبذل الجهد والعمل على إنتاج ثقافة وطنية واجتماعية ودينية تحصّن الجسد السوري من أي اختراق وتمكنه من هزيمة كل المشاريع التي تحاول النيل منه ومن هويته الوطنية.
#موقع_حرمون، #حديث_تلفزيوني، #اللواء_الدكتور_محمد_عباس، #حرب_تشرين_التحريرية، #وزارة_التربية، #وزارة_الثقافة، #لقاح_وطني.