يشرفني أن أرحب بكم فرداً فرداً ، باسم اللجنة التأسيسية للتحالف الوطني للإنقاذ والتغيير.
في غمرة الأزمات الدورية التي عاشها لبنان منذ تأسيسه على وقع أزمات المنطقة وصراعاتها الطويلة مع قوى الهيمنة الخارجية والفساد المحلية، لا مبالغة في اعتبار الأزمة الراهنة أشدها تعقيداً وخطورة، اذ يتداخل فيها الدولي بالإقليمي بالمحلي، والاقتصادي بالإجتماعي بالسياسي. غير أن المرحلة الراهنة تتميز بطغيان الجانب الاقتصادي الاجتماعي على الأوجه الأخرى للأزمة. يعود ذلك الى طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي الخاضع لمصالح الاحتكارات على أنواعها، والمعتمِد الريع بديلاً من الإنتاج ومصدراً للكسب الفاحش وغير المشروع. فاَقَمَ الوضع المأزوم السياساتُ الليبرالية المتطرفة التي اعتمدتها حكومات متعاقبة ما بعد اتفاق الطائف مصحوبةً بنهبٍ لموارد الدولة على حساب تعب اللبنانيين وكدحهم وعلى حساب ادخاراتهم وودائع مختلف المدخرين في المصارف.
استغلت القوى المتربصة بالمنطقة وبلبنان لصالح الكيان الصهيوني سياسات الشبكة المافوية المتحكمة وإداءها للإيغال في ضغوطها الاقتصادية بالحصار، والسياسية بتفجير كل أنواع التناقضات الكامنة في بنية النظام الطائفي من أجل فرض أغراضها القديمة الجديدة، وتعميق تبعيتنا الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتعطيل عناصر القوة المتبقية لدينا والمتمثلة بسلاح المقاومة.
امام هذه المخاطر الوجودية التي نواجهها، عبّرت القوى الوطنيّة الحيّة في لبنان عن رفضها وإدانتها لسياسات الشبكة المتسلطة بأشكال مختلفة، وخاصةً ضد الهبّة الشعبية الواسعة في 17 تشرين الاول 2019. هذه الهبّة لم تنجح بسبب تضارب الأهداف المطروحة وغياب القيادة الموحّدة الأمر الذي حال دون إنجاز تغيير حقيقي في سياسات اهل السلطة في مختلف المجالات.
لذا، وفي ضوء تراكم خبرات وتجارب نضالية طويلة تداعت مجموعةٌ من أحزاب وهيئات وشخصيات وطنية مناهضة للنهج المعتمد منذ اتفاق الطائف ودعت الى توحيد الرؤى والجهود لتأمين إسهام مختلف القوى النهضوية في مهمة الإنقاذ الوطني الملحّة. وقد صاغت، بمنظور مشترك، ورقةً سياسية اقتصادية طرحت من خلالها مشروع نهوضٍ وفق أولويات واقعية ستجري لاحقاً ترجمتها الى مهام نضالية ملموسة لمواصلة الضغوط على القوى والقيادات والأطراف المسؤولة عن استمرار الأزمة بغية حملها على التراجع عن سياسات التجويع والتفقير، ولإشراك أكبر عدد ممكن من الهيئات السياسية، والمنظمات الأهلية، والشخصيات القيادية المتوافقة على ورقة اللجنة التأسيسية او المتقاطعة معها في لقاءٍ جامع لصياغة برنامج نهضوي سياسي واقتصادي واجتماعي تلتزم النضال بموجبه القوى المنضوية في التحالف الوطني للإنقاذ والتغيير.
وبما أن اللجنة التأسيسية والقوى المنضوية فيها تؤمن بالتغيير من خلال النضال الشعبي وبكل الوسائل المشروعة وفي مقدّمها آليات الانتخاب، ستبذل قصارى جهدها لضمان مشاركة القوى النهضوية في المعركة الانتخابيّة القادمة وفق قانون ديمقراطي جديد، وذلك من خلال بناء تحالفات شعبية ونقابية وسياسية من شأنها إحداث تغيير ملموس في سياق تثبيت التموضع السياسي العام للبنان في مواجهة القوى المحلية والإقليمية المعادية، ومن أجل معالجة صحيحة للأزمة الاقتصادية تقوم على قاعدة الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج، والتكامل مع المحيط الاقليمي العربي والمشرقي انطلاقاً من استيراد مشتقات النفط من إيران، وعبر تدابير قضائية وإدارية من شأنها القضاء على اسباب الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وضمان إعادة الحقوق المسلوبة للشعب اللبناني بشتى فئاته.
إن التكامل بين النضال الشعبي الطويل النَفَس والإفادة من العمليات الانتخابية النقابية والسياسية، كفيلان بإخراج الوطن من أزمته الراهنة.
انطلاقاً من ضرورات إشراك مختلف الأحزاب والهيئات الوطنية والشخصيات القيادية المؤمنة بضرورة إطلاق هذا الجهد الوطني، ستقوم اللجنة التأسيسية بجولة تواصل مع كل هذه القوى والشخصيات الوطنية لعرض رؤيتها والإستماع الى الملاحظات التي من شأنها إغناء هذه الرؤية، وكذلك من اجل دعوتها للمشاركة في النضال الوطني المشترك.
أجدّد شكري لكم جميعاً، مؤكداً استمرارنا في معركة الإنقاذ الوطني حتى النصر.
*كلمة تقديم للمؤتمر الصحافي لإعلان انطلاق التحالف الوطني للإنقاذ والتغيير، بيروت في 3 تشرين الاول 2021
#موقع_حرمون، #عصام_نعمان، #معركة_الإنقاذ_الوطني، #التحالف_الوطني_للإنقاذ_والتغيير، #النصر.