بسام ابو شريف
في ظل الحملات الواسعة التي يشنها الجيش الأسرائيلي المحتل للأرض الفلسطينية وقواته الأمنية ومخابراته وقواته الخاصة وشرطته في ظل كل هذا تتكشف بوضوح مواقف الأطراف ، سواء الأطراف الفلسطينية او الأطراف الخارجية لتشير بوضوح الى خريطة عمل هذه الأطراف ومستقبلها وماذا ستحمل للشعب الفلسطيني .
لقد كشفت التداعيات لهروب الأبطال الستة من الأسر وتمكنهم حتى الآن من التمتع بالحرية ، كشفت عيوب كثيرة في المؤسسات الاسرائيلية الشيء الذي أدى الى جدل تحاول اسرائيل اخفائه بين مسؤولين في الحكومة الاسرائيلية وبين كبار ضباط في الجيش والأمن والشرطة والمخابرات.
لقد اظهرت عجز هذه المؤسسات عن مواجهة اي افكار مبدعة يأتي بها الفلسطينيون لترسم خططاً وتنفذها بدقة عالية ، تعجز أمامها كل الأجهزة الإسرائيلية ، سواء البشرية منها او الالكترونية عن مواجهتها ، وهذه عودة للمقولة الأولى بان الأفكار الجديدة والابداع الفلسطيني بوسائله الأولية قادر على هزيمة هذه الألة الضخمة الاسرائيلية التي مدتها بها الولايات المتحدة والدول الاوروبية للإبقاء على حكمها للأرض الفلسطينية وممارسة كل الجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين اطفالاً ونساء ورجالاً وتقوم هذه الدول بإحاطة كل هذه الجرائم بإطار من الصمت المشارك في الجريمة والمحاول اخفائها عن الرأي العام الأوروبي والأمريكي.
هذه واضحة كل الوضوح ، وهي تجديد لدرس من دروس المقاومة الفلسطينية لابد للجيل الجديد من ان يتعلمه ويمارسه ، أي الابداع بالتفكير في مواجهة العدو والانقضاض عليه مهما كانت الوسائل بسيطة ، الإبداع هو في نهاية الأمر ما يفشل العدو ويفشل الته المتقدمة والضعيفة في نفس الوقت امام جدارة وشجاعة وابداع الفلسطينيين بوسائلهم البدائية.
وهو سلاح للأجيال يمدهم بالثقة والشجاعة والرغبة في الاقدام والهجوم الدفاعي والانقضاض على العدو في عقر مؤسساته حتى يعلم هذا العدو ان هذا الشعب ان هو نظم نفسه وكانت له قيادة مخلصة تقوده على طريق صعب وطويل ولكنه طريق يؤدي للحرية، هذا الشعب يمكنه ان يلحق الهزيمة باسرائيل مهما كانت طبيعة الاسلحة والطيران الدبابات والصواريخ والى اخره من الاسلحة التي زودتها الادارة الامريكية للعدو الاسرائيلي .
من ناحية اخرى ، ظهر في الساحة الفلسطينية من ينادي باعادة هؤلاء الاسرى للسجن، وان يقضوا المدد المحكومين بها داخل السجن اسوة ببقية الاسرى ، وهذا الاعلان من هذا الطرف يدل دلالة واضحة على مشاركة مؤسسات فلسطينية غارقة في التنسيق الامني مع اسرائيل ، مشاركتها في عمليات الملاحقة والبحث من أجل القبض على الاسرى الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم وتمكنوا حتى الان من النجاة من كل حملات الملاحقة التي لم يسبق لها مثيل بتاريخ اسرائيل .
هنالك فريق يدعوا للإنتفاضة ورفض البطش والارهاب الذي تمارسه السلطات الاسرائيلية ضد الاسرى داخل السجون وداخل زنزاتهم وداخل غرفهم في السجون الامر الذي ادى الى بداية انتفاضات متفرقة في سجون العدو من قبل الاحرار المعتقلين الذين يرفضون الممارسات العنصرية الفاشية الدموية التي يرتكبها سجانوهم ضباط اسرائيل.
كما دعا هذا الطرف المقوم الشعب الفلسطيني الى حماية الاسرى ودعاهم الى التحرك من أجل مواجهة قوات الاحتلال وارباكها خارج السجون ، وعند نقاط التماس وعند كل موقع يتصادم فيه هؤلاء مع أبناء شعبنا في القرى والمخيمات والبلدات والمدن.
نهجان لمواجهة العنصرية الدموية الاسرائيلية وجرائمها ضد الاسرى الذين لا حول لهم ولا قوة داخل السجون وانبرى منهم أبطال اظهروا ان الابداع في التفكير والتخطيط يعطيهم من القوة ما لا يفكر به العدو ولم يحلم بأن هؤلاء الاسرى سوف يمتلكونه.
لكن التداعيات اظهرت بشكل واضح كذب الإدارة الأمريكية وزيف ادعائها كما يجري ضد الأسرى الفلسطينيين داخل السجون ، جرائم متراكمة ، جرائم يومية تتوالى فهم لا يخضعون الا لقانون العنصرية الاسرائيلية بينما كافة القوانين الدولية يلقى بها في سلال المهملات ولا تعار اي انتباه ولا يسمح لأي هيئة دولية تحقيقية سواء ابتداء من محكمة العدل العليا مروراً بكل وفود الصليب الاحمر لا يسمح لهم بزيارة الاسرى والتحدث معهم بصراحة حول ما يواجهونه من ممارسات فاشية عنصرية دموية من قبل سجانيهم.
لم نسمع كلمة واحدة من السيد جو بايدن حول هذه الجرائم التي ترتكب ضد الاسرى وهي مخالفات واضحة لاتفاقية جنيف ومخالفات واضحة للقوانين الدولية التي تحكم تصرفات المحتل تجاه الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال.
بايدن يكذب على شعبنا تماما كما يكذب على شعبه هو
فهو يتحدث حديثاً حول الدبلوماسية والحرية والعدالة ويتصرف عندما يأتي الامر للفلسطينيين عكس ذلك تماماً ، نراه في افغانستان يبرر هزيمته بكلام يناقضه فيه على الارض الفلسطينية وفي القضية الفلسطينية ، لم نسمع من وزارة الخارجية الامريكية اي تعليق على الممارسات العنصرية الفاشية الدموية التي ترتكبها اسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين أطفالاُ ونساءً ورجالاً .
لقد التقى بايدن ببينيت في قمة ازمة افغانستان واثناء هزيمة الولايات المتحدة الكاملة على يد طالبان في افغانستان بعد عشرين عاماً من الاحتلال والقصف والقتل والممارسات الدموية .
ونجد عندنا هنا طرف فلسطينياً مازال يراهن على موقف الادارة الامريكية ويصدق ان بايدن يسعى الى حل الدولتين وان القدس ستكون عاصمة للدولة الفلسطينية .
لا شك ان هذا الطرف هو الذي يكذب على شعبنا تماما كما يكذب بايدن على شعبنا ، فان بايدن الذي يرضخ للإملاءات الصهيونية يزود اسرائيل بكل ما تحتاجه من وسائل قوة ويرفض حتى التعليق او الانتقاد لممارسات عنصرية دموية يراها العالم اجمع بوضوح كامل.
ليس هذا فحسب ، بل نعلم نحن تماماً ولدينا المعلومات المؤكدة بأن البيت الأبيض يصدر تعليمات لأجهزة اعلام امريكية من المفترض ان تكون مستقلة ومحترمة كـ سي ان ان لعدم نشر اي شيء يمس باسرائيل سلبياً حتى لا ينقلب الرأي العام الامريكي ضد اسرائيل وضد سياسة بايدن المؤيدة بشكل أعمى لإسرائيل.
عودة للعمل البطولي للأسرة الستة الذين هربوا من سجنهم ومازالوا احراراً.
لقد شكلت هذه العملية مسباراً يكشف بكل وضوح زيف الموقف الامريكي وكذب ادعاءات بايدن وان الولايات المتحدة لا يمكن ان تقف الى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، لا بل تسعى الى تكريس هذا الاحتلال ولا تفه بكلمة واحدة حول القضم والضم المتدرج للضفة الغربية من قبل الحكومة الاسرائيلية التوسعية ، هذا ما يريده بايدن صمت ويرشوا طرفاً فلسطينياً كي يصمت ايضاً ويسير في ركابه بحجة الوفاء بوعد اطلقه كذباً وهو حل الدولتين .
حتى الان لم يحدد بايدن ماذا يعني بكلمة حل الدولتين ، قد تكون دولة فلسطينية ، ترفع العلم في رام الله وتكون تحت السيادة الاسرائيلية.
ان صمت الادارة الامريكية على قضم الضفة والتوسع الاستيطاني يؤشر بوضوح الى ان بايدن لا يقصد اطلاقاً ان ينفذ قرار 242 لتقوم الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس ، لا بل انه يكذب ويقنع الطرف الفلسطيني الذي يخضع لاملاءاته بأن يكذب أيضاً على شعبنا ، ليس هذا فقط بل يقنع هذا الطرف بأن يكون سيفاً الى جانب سيف اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وأبطاله الاحرار .
هذه العملية التي نفذها الابطال الاحرار تقول للشعب الفلسطيني بوضوح لا تراهنوا على الولايات المتحدة ولا تراهنوا على كل من يحاول اقناعكم بوقف اطلاق النار مع العدو اي بعدم الدفاع عن النفس.
هذه العملية تقول للشعب الفلسطيني ان الهجوم هو افضل وسيلة للدفاع وان الدفاع عن النفس يبدأ بالهجوم على العدو الذي يرمي بثقله اضطهاداً وبطشاً وقتلاً بأبناء شعبنا ومصادرة اراضيه وهدم بيوته وتهجير عائلاته.
هذه العملية تقود الشعب الفلسطيني نحو الطريق السليم وهو حفر طريق الحرية بأظافرنا واصابعنا وبعقولنا وبمبادراتنا الفذة التي تأتي بها العقول النيرة التواقة للحرية والحياة.
وهي تقول أيضاً للشعب الفلسطيني ان يستعيد ثقته بنفسه وانه اقوى من الذين يحتلون أرضه ويضطهدونه يومياً ويغتصبون ارضه ويضعونه في الاسر ، ان الشعب دائماً اذا قاوم هو اقوى من الاحتلال ويستطيع ان ينتصر عليه وان يهزمه شر هزيمة .
اننا بحاجة الى نهضة مقاومة في كل ركن وزاوية وزاروب وشارع وقرية ومخيم حتى تصبح اسرائيل دولة محاصرة رغم انها محتلة لأرضنا ، قوات اسرائيل على أرضنا يجب ان تكون تحت الحصار وتحت الملاحقة وليس العكس .
كاتب وسياسي فلسطيني
المصدر: راي اليوم