بتاريخ 20 آب الماضي تظاهرت مجموعة كبيرة من اللبنانيين أمام مبنى السفارة الأندونيسية في بعبدا. الخبر مر سريعا في ظل موجات الأخبار اليومية التي تحمل وجع اللبنانيين الغارقين في بحر الأزمات الهادر الذي يجرف معه يوميا أعصابهم ولقمة عيشهم. هي قصة اللبنانية المقرصنة في أندونيسيا فماذا في تفاصيل الخبر وكيف تعاطت الجهات الرسمية اللبنانية معه؟
فيما كانت سفينة “سنيحة – س” ترسو في ميناء باتام الاندونيسي حيث كانت تخضع لعملية صيانة دورية، وضعت مجموعة من القراصنة الاندونيسيين يدها عليها بالقوة نتيجة تزوير مستندات ومراسلات محلية ودولية بتواطؤ مفضوح بين شبكة من الارهابيين المعروفين بالاسم والعاملين ما بين اندونيسيا وبناما. ومع استمرار احتجازها تظاهر مالكو السفينة ومجموعة من عائلات اللبنانيين العاملين عليها في 20 آب الماضي امام مبنى السفارة الاندونيسية في بعبدا رفضا للظلم اللاحق بهم ومن اجل انقاذها واستعادتها الى مالكيها اللبنانيين وتأمين إبحارها من حوض الصيانة في الميناء، وناشدوا رئيس الجمهورية الأندونيسي السيد جوكووي ويدودو التدخل الفوري لمنع هؤلاء المجرمين من التمادي في محاولة سرقة سفينتهم ووقف كل دعم يتلقونه من السلطات المحلية للمضي في ممارساتهم غير القانونية.
على الفور تحركت وزارتا الخارجية والعدل في خطوة غير مسبوقة وقدمتا نموذجا جديدا ومميزا في حماية مصالح اللبنانيين المهددة في الخارج .
وزارة العدل: وكانت أفادت معلومات أن وفدا ضم مالك السفينة والناطق الرسمي باسم الشركة المالكة رائف شرف الدين ووكيله القانوني في بيروت المحامي انطوان فرنسيس وممثلا عن العاملين في الشركة زاروا وزيرة العدل الدكتورة ماري كلود نجم وسلموها مذكرة تفصيلية تشرح معاناتهم مع مجموعة الارهابيين القراصنة الذين وضعوا يدهم على السفينة ومنعوا ابحارها مرتين خارج الميناء. كما سلموها مجموعة من الوثائق التي تكشف التواطؤ الفاضح بين القراصنة وبعض المسؤولين في الشرطة لمنع تنفيذ سلسلة قرارات قضائية وادارية وجمركية تسهل خروجها الى العمل من جديد بعد الانتهاء من اعمال الصيانة. كما قدموا لها معلومات تفصيلية تتصل باسماء أعضاء مجموعة القراصنة الذين صدرت بحقهم احكام قضائية تدينهم ولم تنفذ حتى اليوم واسماء المسؤولين المشتبه بتورطهم في العملية .
وبعدما ابدت الوزيرة نجم تفهماً لمطالب الوفد وعدت بالقيام بالاتصالات اللازمة والطلب من النيابة العامة التمييزية التدخل والقيام بالاجراءآت المطلوبة لدى منظمة الانتربول لمتابعة القضية وملاحقة المذكرات الصادرة بحق الارهابيين والعمل لدى السلطات الاندونيسية على تنفيذها حماية لمصالح اللبنانيين وتأمينا للافراج عن السفينة لاستعادة العائلات اللبنانية مواردها المعيشية.
وزارة الخارجية: وفي وزارة الخارجية التقى الوفد مدير الشؤون الاقتصادية في الوزارة السفير فاسكين كافلاكيان وناقشوا معه مصير المذكرة التي رفعها شرف الدين باسم الشركة المالكة للسفينة كما طلبوا تدخل سفير لبنان لديها لابلاغ المراجع المعنية بالطرق ولفت النظر الى المخالفات المرتكبة للقوانين الدولية الخاصة بالابحار وحركة الملاحة الدولية والعمل لاتمام تنفيذ القرارات الصادرة بتحرير السفينة من خاطفيها.
وابلغ السفير الوفد بانه رفع نسخة من مذكرة الشركة اللبنانية الى السفارة الاندونيسية في بيروت طالبا اليها ابلاغ حكومة بلادها بالقضية والتدخل لحلها، كما احال بالبريد الديبلوماسي نسخة عنها الى السفير اللبناني في اندونيسيا من اجل التدخل لدى السلطات المركزية لابلاغها إدانة لبنان للعملية الارهابية وضرورة انهاء عملية القرصنة الجارية في ميناء باتام وضرورة تطبيق القرارات التي تسمح باستعادة السفينة لحركتها الملاحية خارج المياه الاندونيسية.
وبعد مراجعة نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الخارجية زينة عكر أذنت باستدعاء السفير الاندونيسي في بيروت في اسرع وقت ممكن لملاحقة القضية، خصوصا ان اندونيسيا هي عضو بكامل المواصفات في المنظمة البحرية الدولية (IMO) وهي وكالة خاصة تابعة للأمم المتحدة ومسؤولة عن تطبيق وضمان سلامة وأمن الشحن البحري، وهي ملزمة بأداء واجباتها لحماية العاملين في هذا القطاع.
إشارة إلى أنه خلال التظاهرة التي قام بها أصحاب السفينة ومجموعة من عائلات اللبنانيين العاملين على متنها أمام مبنى السفارة الأندونيسية في بعبدا كان هناك حرص على تأكيد ثقتهم بصدقية الرئيس الاندونيسي خصوصا بعد إيداعه المعلومات الصحيحة ليبني قراره بالتدخل لوقف التدخل الحاصل من قبل القراصنة وهو المعروف بجهوده التي يبذلها لمكافحة الجريمة المنظمة انطلاقا من التزام بالمواثيق الدولية وقوانين الملاحة البحرية وبمكافحة الارهاب.
كلام الصورة مجموعة من القراصنة الإندونيسيين على متن السفينة “سنيحة – س”
موقع حرمون