من أحد المواقف المشهورة لدولة الرئيس فارس الخوري ( سياسي ومفكر ووطني سوري ولد سنة 1873م في قرية الكفير التابعة حاليا لقضاء حاصبيا في لبنان ) أنه دخل إلى الأمم المتحدة حديثة المنشأ، بطربوشه الأحمر وبذته البيضاء الانيقة… قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا من اجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق واتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا. بدأ السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون اخفاء دهشتهم من جلوس ‘فارس بيك’ المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركا المقعد المخصص لسوريا فارغا. دخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة… فتوجه اليه وبدأ يخبره ان هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلا عليه بعلم سوريا ولكن فارس بيك لم يحرك ساكنا، بل بقي ينظر إلى ساعته.. دقيقة، اثنتان، خمسة…
استمر المندوب الفرنسي في محاولة ‘إفهام’ فارس بيك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى ولكن فارس بيك استمر بالتحديق إلى ساعته: عشر دقائق، أحد عشرة، اثنا عشرة دقيقة وبدء صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ واستخدم عبارات لاذعة ولكن فارس بيك استمر بالتحديق بساعته، تسع عشرة دقيقة، عشرون، واحد وعشرون… وغضب المندوب الفرنسي، ولولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس بيك لكان دكه….. وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، ووضع ساعته في جيب الجيليه، ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه وقال للمندوب الفرنسي:
سعادة السفير، جلست على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة فكدت تقتلني غضبا وحنقا، سوريا استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها ان تستقل. في هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها.. وفي مثل هذا اليوم من عام 1946، جلا آخر جندي فرنسي عن سوريا..
كان فارس الخوري رئيس وزراء سورية عام 1944، وفي ذات التاريخ وزيرا للأوقاف الإسلامية، وعندما اعترض البعض خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا: إننا نؤّمن فارس بك الخوري ( المسيحي ) على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا.
احد الايام ﺃﺑﻠﻐﻪ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﻏﻮﺭﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺨﻮﺭﻱ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﻭﺻﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺒﺮﻩ ﻭﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺪﻋﻲ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺄﻧﺎ ﻛﻤﺴﻴﺤﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺼﻠﻮ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻭﺣﻤﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺘﺎﻑ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻭﻃﻨﻲ ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻃﻮﻳﻼ ﻭﺧﺮﺝ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺣﺎﺷﺪﺓ ﻣﻸﺕ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﻫﻢ ﻳﻬﺘﻔﻮﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ….
ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻻ ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ بل كانوا سوريين ﻭكلهم ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ الواحد.