هاني سليمان الحلبي*
بعد سلسلة اعتداءات إسرائيلية لما تنته، وليس آخرها الآن قصف الأحراج والمناطق المفتوحة في الجنوب، بخاصة المنطقة الشرقية خلال هذين اليومين، من الجرمق والعيشية والشواكير وكفرشوبا وغيرها.
فالعدوان اليهودي الإسرائيلي الصهيوني لما ينقطع منذ مئات السنين تخطيطاً ضد شعبنا وأهلنا، ووطننا وأملاكنا وبيوتنا وأدياننا، ورجالاتنا وقادتنا. فقد غزا نابوليون المشرق بعد ان أعطى وعداً لليهودية العالمية بإقامة دولة لهم في فلسطين.
وإذ فشل نابوليون في حملته وسقط الوعد بسقوط الغازي، تحوّل اليهود إلى السلطنة العثمانية يرشونها ويهولون لتوافق على بيع فلسطين، وباعت ولم تبع. باعت في الحقيقة ولم تبع في العلن. لكنها لم تمانع من استمرار الهجرة الكثيفة إلى فلسطين. وعندما رفض السلطان عبدالحميد العرض اليهودي الصهيوني تم اقتلاعه بحزب الاتحاد والترقي العثماني بضباطه الثلاثة الكبار أحدهم السفاح جمال.
انتقلت العروض اليهودية بعد سقوط الإمبراطورية إلى دول الغرب المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بريطانيا وفرنسا، وخلفهما الولايات المتحدة بثيودور ويلسون، مطلق مبدأ حق الشعوب بتقرير مصيرها ما عدا شعبنا السوري في فلسطين. وتمّ تطبيق اتفاقيات تقسيم سورية إلى كيانات، وفرض وعد بلفور، بجريمتين مطلقتين لا تسقطان بالتقادم وباستمرار مؤامرة التقسيم ورفضها. وتم دعم هاتين الجريمتين بجرائم مكمّلة باتفاقيات لوزان وسان ريمو وسيفر وصك الانتداب ومؤتمر الصلح، لتبدأ مئوية الاحتلال بالانتداب تثبيتاً للعدوان التاريخي الذي نفسه يشرّع الحق بالمقاومة التاريخية حقاً مستمراً لا يسقط بل نهايته الانتصار والتحرير. تحرير الإنسان من رواسب الضعف والهزيمة والفساد ليحرر الأرض.
هكذا في 21 تموز 1982 لم تعد المقاومة الوطنية على شمال فلسطين المحتل بقصف قواعد جيش الاحتلال عدواناً، معلنة ان لا سلامة للجليل إلا بالخروج من لبنان، وعندما خرج هذا الجيش ذليلا في 25 أيار 2000 تثبتت سلامة الجليل بحق، كما قالت المقاومة.
واليوم، الجمعة 6 آب، لم تعتد المقاومة على ما يسمّيه العدو جبل دوف في مزارع شبعا المحتلة، لأنه أرض محتلة وتحريرها فرض عين على كل لبناني شريف، وغير لبناني شريف يدعم المقاومة وحقها في العمل والوجود حتى التحرير الشامل.
فاليوم المقاومة ردت على قصف أرض مفتوحة، وقصفت من مناطق حرجيّة غير مأهولة وبعيدة عن القرى والبيوت. والمقاومة حق دستوري مشرّع في الدستور اللبناني ولها الحق في العمل فوق أية أرض او مياه لبنانية وفي اي سماء من لبنان.
إذا كان البعض من القوى السياسية المشبوهة وخلايا العملاء النائمة التي استفاقت على دوي الصواريخ تنكر على لبنان وعلى المقاومة هذا الحق، فماذا فعلت جميعها غير التواطؤ والاختباء في جحورها عندما تغير طائرات الرصد والتجسس والقصف من سماء لبنان وبحره على سورية، وبين لبنان وسورية معاهدة أخوة وتنسيق بينما يستحيل قيام أية معاهدة أخوة وتنسيق بين لبنان والعدو؟؟! وأنتم جميعاً عاجزون عن فرضها!!
لماذا لم تتحرّك وطنيتكم وسيادتكم الفئوية والطائفية والجهوية الضيقة وثرتم على كيان العدو وطالبتم بالاعتصام في الساحات العامة وحججتم إلى الحدود لتندّدوا باليهود؟
أن يعترض رعاع في قرية شويا المقاومين من المقاومة الإسلامية، عار لا تجوز تغطيته ولا لفلفته ولا التستر عليه ويجب ألا يمرّ من دون حساب وعقاب.
والأسوأ من هذا أن الموحّدين وصّاهم إمامهم بخصال توحيدية مقابل التكاليف الناسوتية، وهي خصال سلوكية روحية عالية، أولها صدق اللسان وثانيها حفظ الإخوان وثالثها توحيد الله في كل مكان وزمان ورابعها التبرؤ من الأوثان (مادية، بشرية، فكرية، روحية، جامدة)، والأبالسة (مَن ليسوا لهم أصول ولا ناموس عقلي روحاني توحيدي) والطغيان (القتلة والزناة والمجرمين والمعتدين المستكبرين الذي لا يأمرون بمعروف أصيل ولا ينهون عن منكر رذيل)، فإذا كانت هذه قواعد دين التوحيد الذي يؤمن به من تسمّونهم زيفاً الدروز، بأي حق يشتمون حزب الله بأنهم “أبناء كلاب”، حسب فيديو متداول ومحفوظ؟؟؟ أي صدق للسان هذا وأي حفظ لإخوان الإيمان هذا؟
هنا، على رجال الدين الموحّدين واجبات:
– إظهار موقفهم الحقيقي النهائي من سلوك الرعاع المتزيين بزي الدين أم غير متزيين به.
– إدانة اعتراض الرعاع لمقاومي المقاومة الإسلامية. وكشف المتورطين وعدم تغطيتهم بأية حجة وذريعة.
– منطقة حاصبيا وراشيا كانت في طليعة المقاومة، منذ معركة حطين ضد الفرنجة، وصولاً إلى مواجهة الأتراك بقيادة مقاومها الجليل الأغرّ الشيخ الفاضل في صومعته عين عطا وإليه نسب جبل حرمون حيث كان يعتصم، مروراً بتجربة المقاومة الوطنية التي قام شبابها الشرفاء بواجبها وفي طليعتهم البطلان سمير خفاجة وفيصل الحلبي من قرية الفرديس وصولاً إلى شهداء وأبطال لم يرغبوا بإعلان أعمالهم وتركوها للتاريخ لكنها ملأت فراغاً وطنياً قصرت به الدولة اللبنانية التي ما زالت تقاوم بالشكاوى والبيانات.
– ضرورة التشبيك بين رجال الدين في الطائفة الدرزية وفي باقي الطوائف لاتخاذ موقف داعم موحّد من العمل المقاوم بخاصة في المناطق الحدودية حتى تحريرها على الأقل.
– تكريس قاعدة أن للمقاومة الحق بالعمل في كل مكان يسمح بنجاح خططها الرادعة لاعتداءات كيان الاحتلال.
– ويجب إطلاق التطوّع في المقاومة في كل الأوساط فلا تبقى فقط في وسط طائفي معين، لأنها فرض عين على كل شريف منا.
إن لم تجد المقاومة مكاناً لتطلق صواريخها، أقدم كتفيَّ منصة، لعلها تكون أشد فتكاً وتدميراً في مواقع العدو.
سلمت أيدي المقاومين. إنهم وقيادتهم نعمة ربانية لا تقاس في زمن التطبيع والرذيلة والعمالة والخيانة والعار كالذي أبداه بعض الرعاع والعملاء وأبنائهم اليوم في قرية شويا.
الجمعة – 6 آب 2021
*مؤسس وناشر موقع حرمون ومنتدى حرمون الفكري.
#شويا، #المقاومة، #شبعا، #موقع_حرمون، #العدوان_الصهيوني