سامي سماحة*
الاتحاد الأوروبي يحض السلطات اللبنانية على الوصول الى نتائج عاجلة بشأن التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت .(سكاي نيوز)
وأنا أقرأهذا الخبر قفز من ذاكرتي المثل الشعبي الذي يقول ” يقتل القتيل ويمشي في جنازته ”
يعني بدو الاتحاد الأوروبي يخلينا نصدّق أنه لا يعرف من فجّر المرفأ ويطلب من السلطات اللبنانية الوصول الى تحديد الجهة المنفذّة .
طبعا نحن ما عدنا عم نسأل من فجّر المرفأ ، نحن صرنا بمطرح آخر مختلف ، بمطرح تاني بيختلف كتير عن المطرح الأساس الذي هو معرفة من فجّر المرفأ .
نحن عم نفتش عن الذي كان يعلم أنه يوجد” نيترات الأمونياك” في المرفأ، كي نضع عليه مسؤولية التفجير ، وكان الهدف الأساسي إتهام المقاومة كي تُحال الى المحاكمة بأبشع جريمة حصلت منذ أربعماية عام ،ومع اتهام المقاومة تُساق كل القوى الوطنية الى المجزرة ومعها كل من له علاقة بها من قريب أو بعيد .
نحن نحب التضحية ، ونحب السُترة ،خاصة بما يتعلق بالأجانب ،ضيوفا كانوا أم خصوما . لذلك بما ان الأجانب قرروا أنو لازم نحن نعرف من فجّر، تكرم عيونهم سندخل في دوامة التجاذب بين الأطراف لتحديد من المسؤول عن التفجير ، ونلعب لعبة القضاء الذي لم يكشف حقيقة من اغتال العميد فرنسوا الحاج على بعد أمتار من ثكنة عسكرية وفي منطقة تعجّ فيها كاميرات المراقبة .
يعلم الاتحاد الأوروبي أننا نختلف على كل شيء، نختلف على الأشكال والألوان والأحجام ، كل القصص عندنا مقسومة الى قسمين، حتى ولو كانت بطبيعتها واحدة وليس إثنتين . فالبيضة الواحدة التي نتفق على لونها وحجمها ووزنها استطعنا أن نخلق خلافا حول العلاقة بين الصفار والزلال وأيهما أفيد لصحة الانسان ، فكيف لا نختلف على كارثة بحجم كارثة المطار وما تحمله من معان وغايات واستهدافات
المشكلة أننا نحن عامة الناس نصدّق الأجنبي لأننا فقدنا الثقة بالمحلي،والسبب أننا لم نصدف حتى اليوم محلي صادق وبفّش الخلق ويقول كلمة صادقة .
الغباء كل الغباء، أننا نصدّق ان الاتحاد الأوروبي وأمريكا والسعودية وإيران ومحاور المواجهة ، والقوى اللبنانية بكل تلاوينها لا يعلمون من فجّر المرفأ وجميعهم يساعدون الدولة لكشف حقيقة ما حصل في المرفأ .
يا صديقي كيف هيدا الشي ، عم حاول إبلعها مش عم تنبلع معي ولا من ناحية ، إلا إذا كانت قوة شيطانية لا إنسانية نفذّت العملية بأمر من منكر ونكير وانتقلنا من محاسبة القبر الى محاسبة المرفأ .
يا صديقي نحن نؤمن أن المصير الحقيقي لرجال السلطة ورجال قوى الأحزاب الطائفية ومن يزعموا أنهم يمثلون تيارات وطنية وقومية آتون النار ، ولكن نؤمن أيضا أننا إذا قتلنا الباطل ولم نعرف نصرة الحق نكون كمن يفسّر الماء بالماء .
لمناسبة الذكرى الأولى لتفجير المرفأ علينا أن نقرأ بعقلنا وكتابنا ودفترنا ونكتب بأقلامنا لا بعقولهم وكتبهم وأقلامهم .
الاتحاد الأوروبي يعرف من فجرّالمرفأ وعلينا مطالبته بقول الحقيقة وإذا لم يقلها ولن يقولها ، نتهمه بالموافقة على التفجير .
أمريكا تعرّف من فجرّ وهي ضالعة في التفجير لذلك لا يمكن لنا أن نركن لموقفها ورأيها ومطالبتها بكشف حقيقة تفجير المرفأ
السعودية ودول الخليج شركاء الولايات المتحدة الأميركية متهمون كما الولايات المتحدة متهمة .
قوى الممانعة تعرف من فجّر ولغاية بنفس يعقوب تلتزم أداب الصمت .
جميع الأفرقاء اللبنانيين يعلمون ويزعمون جهلهم بالموضوع .
نحن الشعب ،على هذه الحقائق علينا أن نبني مواقفنا من الذين هتكوا عرضنا وقتلوا أطفالنا ، وزرعوا حقول ألبُغض والكُره بين فئاته . علينا الإعلان أن جماعة السلطة من فئة يهود الداخل ، وأن جماعة الحياد من فئة يهود الداخل ، وأن جماعة المنظمات المرتبطة بالسفارات من فئة يهود الداخل .
لا يمكن أن نختصر جريمة بحجم جريمة المرفأ بالوقوف على الأطلال .
ولا يمكن تحويل جريمة المرفأ الى مناحة جديدة دون التفتيش عن مخارج الخلاص لهذا الكيان البائس .
أعتقد أنه لا يكفي أن نتقدم بالعزاء من أهالي الضحايا الشهداء ولا بتطييب الخاطر لمن فقد المنزل والمحل ووسيلة العيش ، أهالي الشهداء الضحايا يحتاجون الى من يقول لهم الحقيقة ويعِدهم بالاقتصاص من الجاني ،وأصحاب المنازل والمحلات يحتاجون الى وعد يُعيد اليهم حياتهم مثلما كانت قبل الإنفجار
وجع الرابع من آب طريقنا للخلاص من الذل والعار إن أحسنّا القراءة ، وويل يضاف الى ويلات أوجاعنا إن أضعنا بوصلة القراءة .
*كاتب لبناني
في 4/8/ 2021