د.دانييلا القرعان*
حالة شديدة من الترقب بعد قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد رفع الحصانة عن البرلمان وتعليق سلطاته كافة مع إقالة رئيس الحكومة التابع لـ “حركة النهضة الإخوانيّة” هشام المشيشي، وذلك على خلفية احتجاجات ضد حركة النهضة وحرق مقارها في عدة ولايات تونسية بسبب تردي الأوضاع في البلاد.
“الأيام العصيبة” الأزمة التونسيّة ومشهدها الحالي بإقالة حكومة الإخوان ووقف سلطات البرلمان الذي يسيطرون على أغلبيته، يمثل فصلاً من عدة فصول سابقة تسببت فيها حكومة النهضة في الأزمة الصحية الأعنف التي واجهت البلاد ما اضطر لإعلان الرئاسة التونسية عدم القدرة على مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجدّ، إلى جانب رفض المشيشي ترشيح وزراء بديلاً عن المتهمين في قضايا فساد من حكومته. الرئيس التونسيّ بدوره وقبل قراره الأخير الذي أعقبه اجتماع طارئ مع القيادات العسكرية والأمنية، كان قد خرج بتصريحات حادة يهاجم فيها حكومة الإخوان وحركة النهضة يوم الجمعة الماضي قائلًا فيها: “لا بدّ من قراءة نقدية لما تمّ فعله في الأشهر الماضية، ولماذا تردّت تونس إلى هذا الوضع، فالوضع الصحي في تونس كارثي والأمر يتعلق في التفريط في القطاع العمومي للصحة منذ سنوات التسعين”.
فتيل الأزمة
شهدت عدة مدن تونسية، الأحد، بينها العاصمة مظاهرات احتجاجية لمطالبة الحكومة بالتنحّي وحل البرلمان، واقتحم المتظاهرون مقار عدة لحركة النهضة ووقعت اشتباكات مع القوات الأمنية التي فرقت بعض المظاهرات باستخدام الغاز المسيل للدموع. واستهدف محتجون مقار حزب النهضة بعدة مدن في أعنف موجة احتجاجات في السنوات الأخيرة تستهدف أكبر حزب في البرلمان وشارك في أغلب الحكومات بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، في العاصمة تونس وقرب مقرّ البرلمان بباردو، استخدمت الشرطة رذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة ورددوا هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحلّ البرلمان.
إن النهضة تجني ما زرعته بأيديها من استحواذ ورغبة في السيطرة على كل شيء، ما جعلها في النهاية تتحمل المسؤولية كاملة في الخسارة أمام الشعب التونسي، ونتوقع تأييد الشعب لقرارات الرئيس قيس سعيّد خاصة مع حالة الغضب العارمة ضد النهضة.
إن تونس تحتاج لمرحلة سياسية جديدة تجتمع فيها كافة القوى السياسية وتسع فيها كافة الآراء بعيداً عن حالة الاستحواذ والسيطرة التي كانت النهضة تعمل على فرضها طوال 10 سنوات كاملة وصولاً إلى حالة الفساد التي كان عليها النظام السياسي ووقوع تونس في أكبر أزمة صحية في التعامل مع فيروس كورونا المستجد.
تعم الاحتفالات الشعبية كافة أرجاء المدن التونسية، بعدما خرج الآلاف من الشعب التونسي إلى الشوارع؛ للتعبير عن فرحتهم وترحيبهم بالقرارات التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد ودعمهم لها، بعد معاناة من حكم حركة النهضة الإخوانيّة، لا سيما عقب تفشي الفساد في البلاد والذي تسبب فيه قياداتها على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ورغم حظر التجوال الليلي الذي تفرضه السلطات التونسية؛ بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد أطلقوا العنان لأبواق سياراتهم وأشعلوا الألعاب النارية، كما تعالت الزغاريد والهتافات من شرفات المنازل ضد حركة النهضة الإخوانية وزعيمها راشد الغنوشي المتورط في قضايا فساد بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. الاحتفالات جاءت بعدما قرر الرئيس التونسي تجميد أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن كافة أعضائه، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتولي السلطة التنفيذيّة ورئاسة النيابة العموميّة. وجاءت هذه القرارات في أعقاب اجتماع طارئ عقده سعيد مع القيادات الأمنية والإطارات العسكرية في وقت متأخر من يوم الأحد بقصر قرطاج، في أعقاب مظاهرات شهدتها كافة مدن البلاد تخللتها أعمال عنف وتخريب طالت مقار حركة النهضة واشتباكات مع قوات الأمن.
إن الحملة جاءت بناء على معلومات تسرّبت سواء في الإعلام أو منتمين سابقين لحركة النهضة عن ثروة زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، المهولة ومصادر التمويل المشبوهة، فالغنوشي ليس الوحيد الذي كوّن ثروته من مثل هذه الطرق، والتهديدات أصبحت روتيناً يومياً في تونس والمعروف عن حركة النهضة إنها لا تحاور وتستخدم العنف وتعتمد التهديد في منهجها وهذا العنصر مخيف نوعاً ما و هناك اغتيالات رأيناها في الشارع التونسي منذ الثورة، ولا بد من الخروج من حاجز الخوف وعدم الحديث عن التهديدات حتى يقوم الناس بالتشجع وفي كل الحالات أجيب عن تهديدات عالمية، حيث أصدرت الحركة الإخوانية بياناً تهدّد فيه أعضاء الحملة بالملاحقة القضائيّة. وهذا يُعتبر تطوّراً في أداء النهضة.
*باحثة وأستاذة جامعية من الأردن.
#د.دانييلا_القرعان، #الأردن، #تونس، #قيس_سعيد، #حل_البرلمان، #المشيشي، #الغنوشي، #موقع_حرمون